عندما طالبت مصرفي فترة تقرير المصير في الأربعينات بأحقيتها
في مصوع
في 30 أغسطس 1946 قدم الوفد المصري الي مؤتمر الصلح بباريس مذكرة تضمنت
بياننا بحقوق مصر التأريخية في مصوع وطابع هذه المدينة العربي وتبعيتها للحكم
العثماني, ثم انتقالها للحكم المصري في عهد محمد علي, واشارت المذكرة الي الصعوبات
التي واجهتها مصر اثناء الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882 والجلاء عن السودان,
وكيف نبتت مطامع ايطاليا الأستعمارية, وانزال الجنود الأيطاليين في سواحل شرق
افريقية في أواخر عام 1882 ودخول
ألأيطليين مصوع عام 1885, وان الأيطاليين أعلنو في مناسبات عديدة عدم مساس
احتلالهم بالسيادة العثمانية المصرية. وقد احتجت الحكومة المصرية, كما أحتج الباب
العالي علي وجود الأيطاليين الغير شرعي في ذالك الركن من العالم. وخلصت المذكرة
الي القول:" أما وقد اتنهي سلطان ايطاليا في شرق أفريقيا, فمن الحق والعدل
أعادت مصوع الي الدولة التي اغتصبها أيطاليا منها."
ولقد وجد الوفد المصري بطلبه هذا معارضا مطالب أثيوبيا في أريتريا. وعندما
القي واصف غالي خطابه امام اللجنة السياسية والأقليمية شارحا طلب مصر الخاص بمصوع,
انبري مندوب أثيوبيا للرد عليه فقال: " أنه يؤسفه ان يقف للرد علي بعض
الملاحظات ذكرها مندوب مصر, اذ ان الاعلاقات المصرية ألأثيوبية ودية علي الدوام
وتجمع بين البلدين عدة روابط تجعل من الضروري ازالة سوء الفهم... ويمكن التأكيد
أيضا بأن أثيوبيا من أصل عربي, فسكان أريتريا وأثيوبيا انتظمو شعوبا وهاجرو من بلاد
العرب قبل الميلاد بثلاثة ألف سنة, وظلت أثيوبيا قرونا عديدة تسيطر علي ضفة البحر
الأحمر الغربية, وهي لاتزال الي اليوم تحتفظ بالعلاقات الثقافية واللغوية مع سكان
جنوب بلاد العرب, فمن الخطأ التأريخي القول أن شعب أثيوبيا غير شعب أريتريا."
كما شرح موقف أثيوبيا بالتفصيل وذكر فيما ذكر: عقدت في عام 1884 معاهدة بين
أثيوبيا و مصر وبريطانية اعترفت فيها مصر بسيادة أثيوبيا علي هذه المنطقة, ولم
يذكر مندوب مصر هذه المعاهدة علي وجهها الصحيح, لأنها تنص علي اعادة جميع بلاد
البوغوص الي امبراطور أثيوبيا, لاعلي التخلي له عن هذه البلاد, وقد جلي المصريون
بعد مضي عدة أشهر علي توقيع المعاهدة وأحتلها الأيطاليون بدورهم...فكيف يمكن القول
بأن وجود حامية أجنبية في مدينة تحيط بها البلاد الأثيوبية يكسب مصر حقا فيما
طالبت به". وقد رد الوفد المصري علي ادعأت الوفد الأثيوبي وذكر فيما ذكر..."
أن الجيوش الأيطالية عندما دخلت مصوع عام 1885 خاطبت في موضوعها القائد المصري عزت
بك الذي تلقي من القائد الأيطالي تصريحا بأن أيطاليا لا تنوي بعملها هذا ان تمس
السيادة المصرية...أن مصوع ذلت مصرية الي عام 1885 , ولم تتخلي مصر عن سيادتها في
يوم من الأيام" وأضاف أن الآيطاليين انتزعو مصوع من مصر , وان مصر هي التي
يجب ان تعاد اليها مصوع."
وهكذا و بالرغم انه كان من خطة الحكومة المصرية في أول الأمر الأقتصار علي
طلب انضمام مصوع الي أقليم السودان الشرقي, لأهمية مصوع كمنفذ للتجارة لاغني عنه
ليس لهذا الأقليم الشرقي فحسب, بل وللسودانين الأوسط والغربي كذالك, فقد تشببث
الوفد الأثيوبي بأنضمام اريتريا بأجمعها – بما في ذالك مصوع – الي أثيوبيا ورفضو
التفاهم مع مصر.
وعلي ذالك قر الرأي عند بحث وفد مصر هذه
المسألة في لندن علي عدم أقتصار الحكومة المصرية علي المطالبة بمصوع, بل توسيع
دايرة هذه المطالب حتي تشمل جميع أريتريا طالما أنه في وسع الوفد المصري أن يدحض
الحجج التي اعتمدت عليها حكومة أثيوبيا... وبناء علي ذالك ادخل الوفد المصري علي
صلب مذكرته (التي تقدم بها في 17 نوفمبر 1947 ) تعديلا أسفر عن المطالبة بكل
أريتريا
من كتاب "الأمم المتحدة وقضية اريتريا 1945 – 1952" من تأليف
الدكتور رجب حراز
No comments:
Post a Comment