Thursday, 8 January 2015

لغة التِقْرَايِتْ من ويكيبيديا

اللغة التِجْرِية (بالحروف الجعزية ትግረ تِجرِ أو ትግሬ تِجري) هي إحدى اللغات الإفريقية الآسيوية من الفرع السامي وتجد أصلها في اللغة السبئية من جنوب شبه الجزيرة العربية أو الجعزية، الجئزية Ge'ez القديمة. يتحدث بها حوالي 1,298,000 شخص معظمهم في إرتريا.[1]
كما تعرف أيضاً باسم التِقْرِي أو التِقْرَايِتْ أو التِجْرَايِتْ (الجيم معجم يُنطق مثل الجيم باللهجة المصرية والقاف مثل الكاف المنصوبة باللهجة المغربية أو القاف باللهجة السودانية)، وهي واحدة من اللغات الإريترية الرسمية التسع وتستخدم في المنخفضات الإريترية الشرقية والغربية 
والسواحل البحرية شمال مصوع وجزر دهلك الإرترية والمنطقة الشرقية في السودان وسط قبائل الحباب والبني عامر.

[عدل]

تنتمى لغة الجعز أو الجئز التي تنبثق عنها اللغة التجرية إلى مجموعة اللغات السامية الجنوبية. وتعتبر سبأ موطن الجئز واحدة من أكبر أربع حضارات عاشت في جنوب شبه الجزيرة العربية في الفترة ما بين سنة 1100 – 1000 قبل الميلاد وإنهارت قبل حوالي خمسة قرون قبل الميلاد بسبب الغزوات التي كانت تتعرض لها من جانب الفرس والدولة الحمرية.
هاجر السبئيون بعد كارثة انهيار سد مأرب وما تلتها من موجة جفاف ومجاعات وشح في موارد المياه من ديارهم شمالا ًإلى بلاد العرب وشرقاُ عبر البحر إلى أفريقيا الشرقية ومن بينها بلاد الحبشة حيث امتزجوا بالسكان الأصلين، ونمت من هذا التمازج حضارة أكسوم في المنطقة التي تعرف اليوم بإريتريا و شمال إثيوبيا. ومن بين ما جلبه معهم المهاجرون الوافدون من اليمن إلى تلك الجهات لغة سبأ التي عرفت في الحبشة باسم جعز أو جئز، نسبة إلى القبيلة التي كانت تتخاطب بها. اختفت اللغة الجئزية كلغة حية في حوالي سنة 1000 ميلادية ولكنها بقيت لغة طقوس دينية في الكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية. وتنتمى اللغة الجئزية شأنها شأن اللغة العربية إلى اللغات السامية الأخرى مثل اللغات الأكاديةوالكنعانية والعبرية والآرامية.
انحدرت من اللغة الجئزية اللغات الإريترية والإثيوبية : التجري، والتجرنيا في الشمال والتجراي والأمهرية، والهررية، والقراقية، والأرقوبية، والقافاتية (لغة مندثرة) في الجنوب.[2] وهناك فرق واضح بين هذه اللغات ولكن تجمعها بعض السمات المشتركة نسبة لانتمائها إلى اللغة الجئزية[3] وتعد لغة التجري الأقرب إلى لغة الجئز في كلماتها وتركيبها اللغوي من بين اللغات الأخرى خاصة الأمهرية والتجرينيا.

علاقتها باللغة العربية[عدل]

مع انتشار الإسلام بين الناطقين بلغة التجري في فجر الإسلام امتزجت التجري باللغة العربية. ونسبة لإصولها السامية وقرب منطقة التخاطب بها جغرافياً من شبه الجزيرة العربية، فقد حدث لها تمازجاً عميقاً مع اللغة العربية، حيث يعتبر حوالي الثلث من كلماتها ومفرداتها بأنه موروث من اللغة العربية.[4]

أهميتها الاجتماعية[عدل]

يتحدث حوالي 65% من سكان اريتريا باللغة التجرية، ولعل أهميتها تكمن في أنها تعتبر لغة تواصل مشترك تستخدم للتواصل بين المجموعات الأريترية المختلفة في غرب إريتريا كقبائل بني عامر والرشايدة وغيرها من المجموعات المقيمة في المنطقة مثل السودانيين والنيجيريين كمجموعة الهاوسا . ويتحدث بها كلغة ثانية أو أولى في بعض الحالات، جماعات مثل قبيلة اللبت،[5]،إحدى فروع قبيلة بني عامر القاطنة في منطقة الحدود الأريترية السودانية.[6]

مشاكلها[عدل]

عانى المتحدثون الأصليون باللغة التجرية من الكثير من عمليات الاضطهاد خلال الحكم الإثيوبي لإريتريا في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي لأن معظم أفراد الحركات المناوئة للوجود الإثيوبي في إريتريا كانوا ينتمون إليهم فضلاً عن نمط حياتهم الرعوي وتمسكهم بهويتهم الإسلامية وميولهم إلى القومية العربية، مما أدى إلى لجوء اعداد كبيرة منهم إلى السودان، ومع ذلك فإن هناك اعداد كبيرة من المثقفين الأريتريين الناطقين باللغة التجرية الذين أثروا الحياة السياسية والثقافية خاصة في مجال الآداب والفنون في اريتريا والسودان وعدد منهم من دياسبورا دول المهجر مثل الولايات المتحدة وأستراليا والسويد وغيرها. من أبرز الشخصيات المتحدثة بلغة التجري حامد إدريس عواتي الذي يعتبر أب حروب التحرير الإريترية والمتوفي في عام 1962 م[7]

اللهجات[عدل]

‌توجد في اللغة التجرية أكثر من لهجة واحدة مثلها في ذلك مثل غيرها من الكثير من لغات العالم وتختلف لهجاتها من منطقة لأخرى وأهمها هي:
  • لهجة أهل سمهر على الساحل الأريتري بالبحرالأحمر (والتي يكثر فيها إدخال الكلمات العربية واستخدامها)
  • لهجة الحباب في النواحي الشرقية لإريتريا
  • لهجة كرن في الوسط
  • لهجة بركة في الشمال.
  • لهجة الساحل الشرقي وحتى بركة وتخوم جبال التاكا (بالسودان) غربا ويكثر فيها استخدام كلمات من لغة البداويت أو البجاوية في السودان.
  • لهجة جزر دهلك (التي تكثر فيها إدخال كلمات من اللهجة الدنكلية وبعض الكلمات من العربية وهي في الواقع مزيج من الدنكالية - وهي الأساس - مع كلمات التجرايت لدرجة أن البعض يعتبرها لغة مختلفة عن التجرايت والدنكالية معا ويطلق عليها اللغة الدهلكية.
غالباً ما يكون الاختلاف بين اللهجات في نطق مخارج حروف المفردات أو في تركيبة الجمل. فمثلاً حرف الدال في عبارة " مي تَحَديه إلِيْكا؟" بمعنى ماذا تريد، تقلب زاياً في بعض اللهجات وتصبح العبارة "مي تَحَزيه إلِيْكا؟" كما في لهجة كرن.[8]

مناطق التحدث بها[عدل]

تقطن المجموعات التي تتحدث بالتجري بمختلف لهجاتها ولكناتها في الغرب الأريتري، كما يسكن بعضهم داخل حدود السودان وبشكل خاص في مناطق أنهار القاش وبركة وعنسبا وفي منطقة ساحل البحر الأحمر بين إريتريا وطوكر فيالسودان.[9] ويدين السواد الأعظم منهم بالإسلام على المذهب السني، وينتمون إلى طائفة الختمية.

الكتابة[عدل]

لا تعرف اللغة التجرية أية أحرف هجائية تاريخية حتى الآن. وقد استخدمت الحكومة الإثيوبية الحروف الجئزية الأمهرية في كتابتها في الوثائق الرسمية.[10] والتي أدخلها إلى اللغة التجرية لأول مرة مبشرون سويديون لأغراض ترجمة الأنجيل.[11]
ونظراً لارتباط اللغة الجئزية بالكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية، فإن الإريتريين الذين يدين معظمهم بالإسلام، يفضلون كتابة لغتهم بالحروف العربية التي يكتب بها القرآن الكريم، فضلاً عن أن أحرف اللغة الجئزية المستخدمة في اللغة الأمهرية، لا تتناسب مع المخارج الصوتية الطويلة للغة التجرية وهو عامل مهم فيها.[10]
كان الحرف العربي يستخدم في كتابة اللغة التجرية بشكل رسمي إبان الحكم العثماني والمصري الخديوي والاستعمار الإيطالي لإريتريا. وكانت الرسائل تصل من مصوع إلى بورتسودان، وسواكن، وعقيق، فتقرأ بسهولة ويسر في إريتريا.[12] وتستخدم الحروف العربية الموسعة[13] كما هو الحال في لغات مثل الفارسية أو الكردية أو الأوردو
ومن تلك الحروف حرف ݢ الذي يرادف (G) اللاتينية وݕ (P) وڿ (ch) مخففة، كما في كلمة ڿيوات بمعنى ملح أو بيڿ بمعنى بيض، والصاد الزفرية الحادة المشددة (ts) وترجمتها الصوتية العالمية هي s' كما في تصهاي وتعني شمس.[14]
تُكتب اللغة التجرية كذلك بالحروف الجئزية تماما مثل لغة التيجرنيا في إريتريا واللغة الأمهرية في إثيوبيا، وتصدر في إريتريا مجلة شهرية وجريدة شبه أسبوعية باللغة التجرية المكتوبة بحروف جئزية، كما تقدم برامج إذاعية في الراديو والتلفزيون الإريتري، وتستخدم لغة التجري كلغة للتعليم في المرحلة الابتدائية إلى جانب اللغات الإرترية الأخرى.
ويتحدث معظم الإريتريون اللغة العربية بلكنة تخلط بين اللهجة السودانية واللهجة اليمنية مع بعض المخارج المتصلة باللغة التجرية كتشديد حرف العين وقلب حرف الزاي إلى حرف الدال، كما في لفظ زيت الذي يصبح ديت .[15] وهناك اليوم محاولات من بعض الكُتاب الإريتريين لكتابة لغة التجري بالحروف العربية.

No comments:

Post a Comment